السؤال: ما معنى الحديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ؟
الجواب
الشيخ: معنى هذا الحديث أن الدنيا مهما عظم نعيمها وطابت أيامها وزهت مساكنها فإنها
للمؤمن بمنزلة السجن لأن المؤمن يتطلع إلى نعيم أفضل وأكمل وأعلى
وأما بالنسبة للكافر فإنها جنته لأنه ينعم فيها وينسى الآخرة
ويكون كما قال الله تعالى فيهم
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُم)
والكافر إذا مات لم يجد أمامه إلا النار والعياذ بالله فكانت له النار ولهذا كانت الدنيا على
ما فيها من التمغيص والكدر والهموم والغموم كانت بالنسبة للكافر جنة لأنه ينتقل منها
إلى عذاب إلى عذاب النار والعياذ بالله فالنار بالنسبة له بمنزلة الجنة
ويذكر عن ابن حجر العسقلاني رحمه الله صاحب فتح الباري وكان هو قاضي قضاة
مصر في وقته كان يمر بالسوق على العربة في موكب فاستوقفه ذات يوم رجل من
اليهود وقال له إن نبيكم يقول إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وكيف ذلك وأنت في
هذا الترف والاحتفاء وهو يعني نفسه اليهودي في غاية ما يكون من الفقر والذل فكيف
ذلك فقال له ابن حجر رحمه الله أنا وإن كنت كما ترى من الإحتفاء والخدم فهو بالنسبة
لي بما يحصل للمؤمن من نعيم الجنة كالسجن وأنت بما أنت فيه من هذا الفقر والذل
بالنسبة لما يلقاه الكافر في النار بمنزلة الجنة فأعجب اليهودي هذا الكلام وشهد شهادة
الحق قال أشهد أن لا إله ألا الله وأشهد أن محمداً رسول الله نعم.
فتاوى ابن عثيمين
============================================
قال ابن القيم رحمه الله :
الدنيا سجن المؤمن فيه تفسيران صحيحان
أحدهما : أن المؤمن قيده إيمانه عن المحظورات والكافر مطلق التصرف .
الثاني : أن ذلك باعتبار العواقب فالمؤمن لو كان أنعم الناس فذلك بالإضافة
إلى مآله في الجنة كالسجن والكفار عكسه فإنه لو كان أشد الناس بوسا
فذلك بالنسبة إلى النار جنته .
بدائع الفوائد (3|177)
وهذا التفسير الثاني أجابه ابن حجر العسقلاني رحمه الله
وهو في موكبه لما كان قاضي القضاة في مصر
ليهودي فقير اعترض له وسأله عن هذا الحديث كيف تكون الدنيا سجن المؤمن
وأنت في هذا الموكب وهذه النعم ,
وجنة الكافر وأنا معدم فقير , فكان سببا في إسلامه .
والله اعلي واعلم