قال عز وجل
(( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ))
الرعد 25
من جملة ما حثنا المولى تبارك و تعالى و أمرنا به بل و حذرنا من تركه..
صلة الأرحام و البرو الإحسان لهم .و التمسك بحبل الوصال...
و نهانا عن قطيعتهم و عدم تواصلهم
إلا ان جل المسلمين اليوم أضاعوا هذا الحق بل و عكسوه
فإنقلب التواصل و التراحم و المحبة و الألفة إلى حقد و حسد و شحناء بين
الأهل و الإخوة في الدين لتشمل حتى أقرب الأقربين
صلة الأرحام
المعروف أن الصلة و هي الوصل و التواصل و إبقاء الوطادة و عدم قطع الأهل
و الأقارب من المحارم و غيرهم
و الأرحام قسمين..:
رحم الدين و هي العامة وتشمل هذه الفئة جميع المسلمين و يجب مواصلتها
بملازمة الدين و نصرتهم و تناصحهم و العدل بينهم و النصفة في معاملتهم
ورحم القرابة من أهل و أقارب و صلتهم و العفو عن الزلات و العثرات و
مقابلة السيئات إلا بالحسانات ...
هذا و لأن الصلة واجبة , بل و تركها و قطعها من الكبائر إستنادا لقول الرسول
الكريم صلى الله عليه و سلم
في الصحيحين عن جبير بن مُطعم أنّه قال: «لايدخل الجنة قاطع». قال سفيان:
يعني قاطع رحم وفيهما أيضاعنأبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله
عليه وسلم قال: «إن الرحم قامت فقالت لله عز وجل: هذا مقام العائذ بك من
القطيعة قال:نعم أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع مَنْ قطعك؟ قالت:
بلى، قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوا إن شئتم:
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الارض وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ * أَوْلَـئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللَّهُ } محمد: 22،
ولكن المؤسف أنّ كثيرا منا اليوم غفلوا عن هذا الحق و قطعوا حبل الوصل،
وحجّة بعضهم أن أقاربه لا يصلونه. و صلةالرحم تكون متبادلة فإن صالك
الطرف الآخر عليك بصلته و إن بادر و قطعك فلا بأس بقطعه فهو من بادر
و لكنها حجة لا تنفع....
فقد بين ديننا الحنيف و نبينا الكريم أن هذا لا يسمى بالصلة و إنما تسمى
المكافأة
فالصلة المقصودة تكون بصلتك حتى و إن قطعك الآخر و إن كان يصل إلا من
وصله لم تكن صلته لله و إنما تسمى مكافئة و المثل
ففي صحيح البخاري عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ النبي
صلى الله عليه وسلّم قال:
" ليس الواصل بالمكافأ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها "
و لكن الكثير يتسائل هنا في حالة ما إذا الطرف الآخر لم يبدي رغبة في صلتك
و يسيئ إليك و يقطعك
فبين هنا حبيبنا المصطفى أن عاقبتها حميدة و عظمتها كبيرة
حين إشتكى رجلا من صلته بالذين يقطعونه و يجهلون عليه و يسيئون إليه
.فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال " يا رسول الله إن لي قرابة أَصلهم ويَقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون
إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كنت كما قلت فكأنما
تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك»، رواه مسلم
فالمبادرة بصلة الرحم أخواتي شأنها بالفعل عظيم يغفل عنه الكثير فإنها ثتمر المال
و تعمر الديار و تعتبر أفضل أخلاق أهل الدنيا و الآخرة كما أنها زيادة
بالعمرو بركة بالرزق ....
فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن
يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل" رواه البخاري
و تعتبر سبب لذخول الجنة ففي
الحديث المتفق عليه عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلا سأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار فقال صلى الله عليه وسلم :
" تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم "
رواه البخاري
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس
نيام تدخلوا الجنة بسلام»، رواه الترمذي وقال: حسن صحيح
أما قطيعتها أخواتي فعاقبتها وخيمة
أجلها لعنة المولى عليه في قوله
(( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم , أولائك
اللذين لعنهم الله فأصمهم و أعمى أبصارهم )) محمد 23
فقاطع الرحم لا يقبل عمله : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس وليلة الجمعة فلا يقبل
عمل قاطع رحم" رواه أحمد
كما أن الرحمة لا تنزل على قوم بهم قاطع رحم
و عواقب أخر أشد فالرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله و من قطعني
قطعه الله
أخواتي و شهر رمضان على الأبواب . فإنه و الله نعمة إلاهية عظيمة فالنفوس
بها لتقوى على ماعليه من الأعمال بفيض من الإله , فلنستغل هذه الأيام و نبادر
و نصل حتى من قطعنا و لم يبدى رغبة بوصالنا كي نجرد أنفسنا من بغض
المعاصي و المنكرات و نفوز بالخير و البركات
و نلبي بهذا أمر الرحمن و ندخل جنانه بسلام....
و أخيرا نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان هذا العام و اعوام مديدة و أن
يعيننا و يوفقنا لنتزود من معين بركاته و خيراته
معالى الوزيرة :14#: